"إنها الكابوسُ المزعجُ، الظالمةُ، تتفنّنُ في اختلاقِ النكد" ،إنها الحماةُ التي صوَّرتْها الدراما التلفزيونية؛ فأصبحتْ الإنسانَ الذي لا يمكنُ استيعابُه حتى وإنْ أبدتْ حُسنَ النوايا.أرادت أنْ تسلّطَ الضَّوءَ على الوجهِ الآخَرِ للحماة، بنماذجَ كثيرةٍ تُعَدُّ هي المركزيةُ الأساسيةُ للبيتِ.
الحاجةُ "أمُّ أيمن ضاهر"، إحدى النماذجِ التي حنتْ بحنانِها على أحفادِها وأمهاتِهم، تقولُ وأحفادُها كانوا يجلسونَ على حِضنِها ، والسعادةُ تغمرُها بتجمعِهم حولها: "لا أشعرُ بالسعادةِ والفرحِ إلاّ بتجمُّعِ أحفادي وأمهاتِهم، فأعاملُهم بما يُمليهِ عليَّ ضميري، فهُنَّ زوجاتُ أبنائي ، فهنَّ بناتُ ناس، ومن عائلاتٍ محترَمةٍ وما أتمناهُ لبناتي أتمناهُ لهن، فلماذا أقسو عليهِنّ؟ والنتيجةُ هي تعاسةُ أبنائي وخسرانُهم وكُرهُ أولادِهم لي؟
وتضيفُ أنّّ كلَّ ما تتمناهُ الأمُّ هو رؤيةُ أبنائها سعداءَ مع زوجاتِهم، فهي تنجِبُ وتربّي لأنفسِهم ولسعادتِهم، "فلماذا أُسبّبُ لهم النكدَ والكدَرَ؟ إضافةً أنّ ذلك ينشئُ العداوةَ والخلافاتِ بين الأبناءِ؛ ليمتدَّ إلي أبناءِ العم، في النهايةِ أنا أكسِبُ بذلك سعادةَ عائلتي وحبَّهم لي .
بينما "سلمى مهنّا"، تقولُ بأنّ لها حماةً عوّضتْها عن حنانِ والدتِها فتقول: "حُرِمتُ من أمي التي تركتنا وتزوّجتْ، لكنّ اللهَ مَنَّ عليَّ بأمٍّ أُخرى "حماتي"، فأنا لا أنعتُها إلا "بماما"، فهي فعلاً أُمي، ولن تستطيعَ الكلماتُ أنْ تعبِّرَ عن العلاقةِ بيني وبينَها، فإذا مرضتُ تسهرُ بجواري كأنني طفلة، لا تتركُني، وتساعدني في تربيةِ أبنائي، وإذا ما حدثتْ مشكلةٌ مع زوجي؛ أجِدُها في صفي وتدافعُ عني بقوة، حتى أنّ زوجي في أحدِ المرّاتِ؛ قال هو مين ابنك بالضبط أنا ولا هِيّا.
بينما أرجعتْ "إيمان محمود"، الفضلَ الكاملَ لحماتِها في حصولِها على شِهادتِها الجامعيةِ فتقول: "كانت تدفعُني دائما لمواصلةِ دراستي ؛ فأتركُ أطفالي عندها وأنا مطمئنةٌ، وفي أوقاتِ الامتحاناتِ كانت تأخذُهم وترسلُ لي الطعامَ والشاي، فمهما قدّمتُ لها لن أُعطيَها حقَّها علي".
شاركتْ حماتُها "أُم يوسف تحسين" "السعادة" الحديثَ قائلةً: "زوجةُ ابني هي بنتي، ومعزّتُها من معزّتِه، فلم أجدْ منها إلا الاحترامَ والتقديرَ والحبَّ لي؛ أعاملُها بمثل ما تعاملُنا ودائما الكبيرُ تبقى له خبرتُه وتجارِبُه، وأحاولُ قدْرَ المستطاعِ استيعابَهُنَّ، فهنَّ ما زِلنَ في مُقتبَلِ العُمر، وينصحُهُنَّ
بينما "تمام علي"، تقول: "إنّ علاقَتي مع زوجاتِ أبنائي كعلاقَتي مع بناتِي تماماً، فأنا أحبُّهُنَّ كثيراً، ولا أحبُّ التدخُّلَ في حياتهِنَّ الخاصة، وأكونُ في قمةِ السعادةِ عندما يكُنَّ سعداءَ مع أبنائي، أشجعهُنَّ لإكمالِ دراستهِنَّ الجامعية، أجهِّزُ لهنّ الطعامَ، وإذا حصلتْ مشكلةٌ بين ابني وزوجتِه؛ ألومُ ابني، فهي الجانبُ الأضعفُ، ومهما فعلتْ لن تكونَ كالرجل وأبدتْ "علي" استغرابَها من بعضِ الحمواتِ اللواتي يتتبَّعنَ زوجاتِ أبنائهم في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة.
وفي أثناء الحديثِ معها تقولُ كِنَّتُها "آلاء عبد الله"، متزوجةٌ منذ خمسِ سنوات: "حماتي تعاملُنا في غايةِ الإنسانيةِ، وتعُدُّنا كبناتِها، فلا أتذكرُ يوماً أنها عنّفتني أو جرحتني بكلمةٍ، كانت دائماً متفهِّمةً لي في جميعِ أموري.
وتضيف: "عند زواجي كنتُ ما زلتُ طالبةً، ومن الصورةِ المرسومةِ النمطيةِ للحماةِ؛ شعرتُ بالخوفِ وعدمِ الاقترابِ منها؛ حتى لو أبدتْ حُسنَ النوايا، كنتُ أعتقدُ أنها في البدايةِ تَظهرُ بهذه الصورةِ لتتحولَ إلى شخصيةٍ متجبِّرة، لكنْ مع الأيامِ والتعاملِ وتشجعِيها لي على إكمالِ تعليمي من أجلي أنا وأولادي؛ أيقنتُ كم هي حنونة.
أمّا "إحسان بكر" فهي متزوجةٌ منذُ أكثرَ من عشرِ سنوات، تقول: "العلاقةُ بيني وبينَ حماتي علاقةٌ يجمعُها الحبُّ والاحترامُ والتقديرُ المتبادَل، فهي لم تتدخّلْ في يومٍ من الأيامِ بيني وبينَ زوجي، بل على العكسِ دائماً تقومُ بدورِ الوسيطِ المدافع، وعندما أُخطئُ في تصرُّفٍ ما؛ أجدُها تأخذُ موقفاً مني ،ثُم أعتذرُ لها
وتنسِبُ "بكر" الفضلَ لحماتِها في تعليمِها الطبْخَ والواجباتِ المنزلية، وكذلك وقوفَها إلى جانبِها أثناء ولادتِها ومساعدتِها في تربيةِ أبنائها. وتضيف: "كلُّ الأمثالِ المتعلِّقةِ بالعلاقةِ المشحونةِ بين الحَماةِ والكِنَّةِ؛ ليس لها مكانٌ أو وجودٌ بيننا.
فيما تحدّثَ "على إبراهيم"، بـأنّ للزوجِ دوراً مُهِمّاً وأساسياً في التوفيقِ بين زوجتِه ووالدتِه، فهو الوسيطُ بينهما ،فعليها أنْ تحترمَها وتقدِّرَها، فهي في مقامِ والدتِها، ويقول: "لم أسمحْ لزوجتي أنْ تنقِلَ موقفاً حدَثَ بينها وبينَ والدتي؛ فيهِ نوعٌ من الخِلاف، وأحاولُ ألاّ أتدخلَ بينهما إلا في حالِ خرجَ الموضوعُ عن النطاقِ الطبيعي.
سببُ غيابِ الحبِّ
وللتعرُّفِ أكثرَ حول هذا الموضوعِ التقت "السعادة" "رائدة وشاح" الاختصاصيةَ النفسيةَ في المركزِ الفلسطينيِّ للديمقراطيةِ وحلِّ النزاعات، فتقول: "إن العلاقاتِ فيما بين البشرِ تكونُ ما بين خيرٍ وشر، لكنْ فيما يتعلقُ بالعلاقةِ بين الحماةِ والكِنَّةِ؛ من المفترَضِ أنْ تكونَ علاقةَ أُمٍّ بابنتِها، وأنّ أيَّ خلافاتٍ قد تنشبُ بينهما ؛لابدّ أنْ تكونَ سحابةَ صيفٍ من الضروريِّ أنْ تنقشِعَ.
وترى "وشاح" أنّ الخلافاتِ ـ إنْ وُجِدتْ ـ فهي بسببِ الإعلامِ الذي يصوِّرُ الحماةَ بدورِ المرأةِ التي همُّها هو إفسادُ العلاقةِ الجميلةِ بين الابنِ وزوجتِه، "فعندما يحدثُ أيُّ موقفٍ بسيطٍ فإنّ الكِنَّةَ ستأخذُ هذا الموقفَ بحساسيةٍ، وقد تعُدُّهُ تدخُّلاً في حياتِها الخاصة.
وتقول: "إذا غابَ الحبُّ والوفاقُ بين أفرادِ الأسرةِ، خاصةً بين الحماةِ والكِنَّةِ؛ فإنّ العلاقةَ في الأغلبِ مصيرُها الفشل، فعندما تعُدُّ الزوجةُ نفسَها جزءاً من شبكةِ العلاقاتِ التي ترتبطِ بزوجِها: من( أمٍّ وأبٍ وإخوةٍ وأخوات) وهي التي يقضي معها الجزءَ الأكبرَ من حياتِه؛ ستسعدُ بحياتِها بالتأكيد، كذلك التي تحملُ فكرةً طيبةً عن حماتِها، وتتقبَّلُ نصائحَها بكلِّ احترامٍ ،ستنعَمُ بحياةٍ هنيئةٍ مع زوجِها.
علاجُ المشكلة
وتضيف: "وشاح" لحلِّ المشكلةِ إنْ وُجِدتْ: ألا تعُدَّ "الكِنَّةُ خِدمةَ زوجِها وأهلِه مِنَّةً؛ بل عليها أنْ تعُدَّهَ واجباً؛ لأنها بذلك ستكسِبُ زوجَها وأهلَهُ، وسيعمُّ الوفاقُ والمحبةُ في الأُسرة، وعلى الزوجِ أنْ يقفَ موقفَ الوسيطِ المصلحِ الذي يكذبُ للإصلاحِ لتقريبِ النفوس، كما على الحماةِ أنْ تراعيَ أنّ الكِنّةَ الجديدةَ لا تعرفُ نمَطَ وأسلوبَ العائلةِ الجديدةِ المختلفةِ عن حياةِ أهلِها.
وترى "وشاح" أنّ سببَ الوفاقِ هو النوايا السليمةُ من الحماةِ وكِنَّاتِها، فالكِنَّةُ التي تحملُ معانٍ إيجابيةً عن الحماةِ؛ لن تجدَ المشاكلُ سبيلاً بينهما، كما أنّ الحماةَ الناضجةَ السويّةَ المُتّزِنةَ عقلياً ونفسياً؛ تستطيعُ أنْ تسموَ بمشاعرِها لتكونَ إيجابيةً مع زوجةِ ابنِها.
وهذا الوفاقُ يُرخي بظلالِه على الأسرةِ والأطفال، حيث سينشأُ أطفالٌ يتمتعونَ بالاتزانِ النفسي، يحملونَ الكثيرَ من الحبِّ والحنانِ للمجتمعِ ، هم جيلٌ لا يعرفُ الحقدُ والكراهيةُ مكاناً في قلوبِهم، أطفالٌ ترعرعَ في نفوسِهم برُّ الوالدين، جيّدونَ يتمتعونَ بالذكاءِ الاجتماعيّ.
via mixCleopatra http://ift.tt/1oVMytT
Put the internet to work for you.